في ظل تزايد ظاهرة اللاعبين المصريين مزدوجي الجنسية أو المولودين في الخارج، يبرز تساؤل مهم في الأوساط الكروية، هل باتت فرص هؤلاء اللاعبين في تمثيل المنتخبات الوطنية أكبر من تلك التي يحصل عليها اللاعب المحلي، وهل تلعب النشأة في بيئة احترافية دورًا حاسمًا في تفضيلهم على أبناء الدوري المحلي؟

شوف كمان: مورا يؤكد أن الأهلي هو الأفضل في إفريقيا ويصفه بالعدواني، ويدعو بورتو للرد بحسم
من بين الأسماء التي أعادت هذا الموضوع إلى السطح، يتألق اسم كريم أحمد، لاعب ليفربول الإنجليزي، الذي انضم مؤخرًا إلى صفوف منتخب مصر للشباب تحت 20 عامًا.
ورغم أن والديه مصريان، إلا أن مسيرته الكروية نشأت في إنجلترا، حيث تدرب في أكاديمية نادي ليفربول العريق، لينتقل مؤخرًا إلى الاحتراف مع الريدز.
وقد صرح كريم للموقع الرسمي لاتحاد الكرة قائلًا: “لطالما كان حلمي ارتداء قميص منتخب مصر، والآن أصبح الحلم حقيقة”.
وينضم إلى هذه المجموعة لاعبون آخرون مثل عمر مرموش، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والكندية، ومحمد زيدان، الذي حصل على الجنسية الدنماركية بعد تألقه في الدوري المحلي، حيث تدرّج في صفوف كوبنهاجن قبل أن يبدأ رحلته الاحترافية الكبرى.
ومع تزايد عدد هؤلاء اللاعبين في قوائم المنتخبات السنية، تثار تساؤلات حول عدالة الفرص بين المحترفين في الخارج واللاعبين المحليين الذين يواجهون تحديات كبيرة بسبب ضعف البنية التحتية وقلة الفرص الحقيقية.
وفي هذا السياق، يؤكد الكابتن فاروق جعفر في تصريحات خاصة أن: “العقلية بالتأكيد تُحدث فرقًا، لكن لا يمكن القول إن تجربة اللاعبين المحليين فاشلة، فهناك من نجح بامتياز مثل هاني رمزي وأحمد حسام ميدو، بينما فشل البعض الآخر لأسباب متعددة لا تتعلق فقط بالكفاءة، بل ربما بسبب ضعف التأقلم أو غياب التخطيط السليم لمسيرتهم الاحترافية”.
لا غربة في الغربة.. أفضلية مزدوجي الجنسية
عندما ينخرط اللاعب مزدوج الجنسية في تجربة احترافية خارج حدود الوطن، فإنه لا يبدأ من الصفر، إذ تساهم نشأته في مجتمع غربي، أو تدريبه في أكاديميات كروية أوروبية، أو حتى اعتياده على ثقافة احترافية منذ الصغر، في جعله أكثر تأقلمًا مع بيئة المنافسة والتحديات.
هذا اللاعب، في معظم الحالات، لا يشعر بالغربة، سواء في اللغة أو العادات أو نسق الحياة اليومية، مما يُجنّبه الكثير من الصدمات الثقافية والنفسية التي قد تواجه اللاعب المحلي في الخارج.
الحواجز غير المرئية
غالبًا ما يصطدم اللاعب المحلي الذي يخوض تجربة احترافية في الخارج بجدار صامت من الحواجز، مثل صعوبة التواصل، اختلاف نظام اللعب، فجوة ثقافية، أو حتى شعور داخلي بعدم الانتماء الكامل، بينما اللاعب مزدوج الجنسية، فهو ابن البيئة التي يلعب فيها، يتحدث لغتها بطلاقة، ويفهم إشاراتها، ويعرف كيف يفرض نفسه داخل غرف الملابس دون تردد أو قلق.
الثقة تُولد من الألفة
عدم الإحساس بالغربة لا يمنح اللاعب مزدوج الجنسية فقط راحة نفسية، بل يعزز ثقته بنفسه، ويُطلق العنان لمهاراته، مما يجعله أكثر قدرة على استيعاب متطلبات المدرب ونسق الفريق، وهذه الثقة، في لعبة تُبنى على التفاصيل الذهنية والبدنية، تمنح أفضلية تنافسية لا يمكن إنكارها مقارنة بزملائه الذين لا يزالون يحاولون التكيف.
التأقلم السريع ميزة ذهبية
يقول المدربون دائمًا إن “التأقلم” هو نصف النجاح لأي محترف في دوري جديد، ومزدوجو الجنسية، بطبيعتهم، هم أسرع اللاعبين في التأقلم، لأنهم غالبًا ما عاشوا في أكثر من بيئة، وتعلموا منذ الطفولة كيف يكونون مرنين ومتعددي الثقافات، لذلك عندما ينتقل أحدهم إلى نادٍ جديد، لا يحتاج إلى وقت طويل للاندماج، وهو ما ينعكس مباشرة على أدائه داخل المستطيل الأخضر.
مواضيع مشابهة: قصة ديربي خيانة 1907 التي قسمت مدينة لشبونة إلى نصفين
تبقى الحقيقة أن الانتماء وحده لا يكفي، كما أن النشأة الأجنبية لا تضمن التألق، فالنجاح في النهاية مرهون بالاجتهاد، والتأقلم، والعمل الجماعي، سواء جاء اللاعب من شوارع شبرا أو ملاعب لندن، إن التجربة المصرية مع اللاعبين مزدوجي الجنسية لا تزال في طور التبلور، ويبقى الحكم الحقيقي على جدواها مرهونًا بما سيقدمه هؤلاء اللاعبون على أرض الملعب، لا على جوازات السفر.