مبيت… حظر اللغة الكردية يثير جدلاً دستورياً ويهدد التعايش الوطني في العراق

أثار قرار وزارة التعليم العالي العراقية القاضي بمنع استخدام اللغة الكردية في التدريس والامتحانات داخل جامعات الموصل وكركوك وديالى ردود فعل قوية في إقليم كردستان، حيث وُجهت اتهامات بانتهاك الدستور وتقويض التعددية الثقافية.

مبيت… حظر اللغة الكردية يثير جدلاً دستورياً ويهدد التعايش الوطني في العراق
مبيت… حظر اللغة الكردية يثير جدلاً دستورياً ويهدد التعايش الوطني في العراق

أصدرت الوزارة توجيهاً رسمياً يُلغي التعليمات السابقة التي كانت تسمح باستخدام اللغة الكردية في بعض الجوانب التعليمية، حيث يمنع ترجمة الأسئلة أو الإجابة بها، مع التأكيد على اعتماد اللغتين العربية أو الإنجليزية فقط، ملوحة بعواقب قانونية في حال عدم الالتزام بهذا القرار.

رفض كردي واسع

وفي المقابل، عبرت أوساط كردية رسمية وشعبية، بما في ذلك حكومة الإقليم واتحاد معلمي كردستان، عن رفضها القاطع لهذا القرار، معتبرة إياه خرقاً صريحاً للمادة الرابعة من الدستور العراقي، التي تُقر بالعربية والكردية كلغتين رسميتين، وتضمن استخدامهما في المؤسسات الحكومية والتعليمية.

خبير: إجراء غير دستوري

ووصف الباحث والأكاديمي الكردي ريبين سلام القرار بأنه “خطوة خطيرة وغير دستورية” تهدد النسيج الفيدرالي العراقي، مشيراً إلى أن الدستور يلزم الدولة بتدريس اللغتين الرسميتين في جميع مناطق البلاد دون استثناء، محذراً من أن هذا القرار لا يتعلق بلغة فقط، بل يمثل إقصاءً ثقافياً قد يؤدي إلى اتساع الفجوة بين مكونات الشعب العراقي.

تتواجد الجامعات المعنية في المناطق المعروفة بـ”المتنازع عليها”، حيث يدرس آلاف الطلبة الأكراد الذين اعتادوا على أداء الامتحانات بلغتهم الأم بموجب تفاهمات سابقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية.

ينص الدستور العراقي على أن الكردية لغة رسمية إلى جانب العربية، كما يضمن حق العراقيين في تعليم أبنائهم بلغاتهم الأم، مثل التركمانية والسريانية والأرمنية، ضمن المؤسسات التعليمية الرسمية.

رد رسمي من الإقليم

وفي أول رد رسمي، دعت وزارة التعليم في إقليم كردستان إلى إلغاء القرار فوراً، واصفة إياه بأنه “يمس قيم التعايش ويتعارض مع الدستور”، مؤكدة أنها ستبدأ اتصالات مع الجهات المعنية لحل الأزمة.

وجهة نظر قانونية

من جانبه، شدد أستاذ القانون الدستوري، الدكتور مصدق عادل، على أن القرار يتعارض مع الدستور ومع قانون اللغات الرسمية الصادر عام 2014، الذي أقر باستخدام الكردية في مختلف نواحي الحياة، بما في ذلك التعليم، مؤكداً أن منع الطلبة من استخدام لغتهم في الامتحانات يعد انتهاكاً قانونياً يمكن الطعن فيه أمام المحكمة المختصة.

وأشار إلى أن القرار لا يُعتبر ملزماً في المناطق المتنازع عليها، التي تحظى بوضع خاص في الدستور، داعياً إلى احترام التنوع الثقافي واللغوي باعتباره جزءاً أساسياً في بناء الدولة العراقية بعد 2003.

خشية من التصعيد

يأتي هذا الجدل في وقت حساس، حيث يتصاعد التوتر بين بغداد وأربيل بشأن ملفات متعددة في المناطق المتنازع عليها، تشمل الإدارة والأمن والتعليم وتوزيع الموارد.

هناك مخاوف من تداعيات القرار على السلم المجتمعي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات وما قد يصاحبها من توظيف سياسي للملفات الخلافية.

بينما تبرر الحكومة الاتحادية القرار بأنه جزء من تنظيم داخلي إداري، ترى فيه الجهات الكردية إجراءً تمييزياً يعمق شعور التهميش، ويقوض مبدأ الشراكة الوطنية.

من المتوقع أن تتزايد الضغوط خلال الأيام المقبلة لإلغاء القرار، وسط دعوات لإطلاق حوار مباشر بين وزارة التعليم في بغداد وحكومة الإقليم، بهدف تجاوز الأزمة وضمان احترام التعددية ضمن مؤسسات الدولة.