في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تأمين إمدادات الغاز خلال ذروة استهلاك الكهرباء، أفادت مصادر حكومية بأن مصر تخطط لاستيراد حوالي 46 شحنة خلال شهري أغسطس وسبتمبر، بتكلفة تقديرية تصل إلى 2.6 مليار دولار، وذلك لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك المتزايد، خاصة في ظل تراجع إنتاج الغاز إلى نحو 4.06 مليار قدم مكعب يومياً، بينما تحتاج البلاد إلى 7 مليارات قدم مكعب في أشهر الصيف.

مواضيع مشابهة: وزير البترول يزور مشروع نظام “سكادا” لمراقبة تداول البوتاجاز في شركة بتروجاس
وأوضحت المصادر، في تصريحات خاصة لموقع “نيوز رووم”، أن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” قامت برفع عدد الشحنات المقررة في أغسطس إلى 24 شحنة بدلاً من 20، بعد إضافة 4 شحنات مؤجلة من يوليو، حيث سيتم توجيه 22 شحنة إلى ميناء العين السخنة، الذي يعمل فيه ثلاث وحدات تغويز بطاقة معالجة إجمالية تبلغ 1.9 مليار قدم مكعب يومياً، بينما ستتجه شحنتان إلى سفينة تغويز في ميناء العقبة الأردني.
ممكن يعجبك: توقيع اتفاقية لنقل متحف نبيل درويش إلى مبنى الزجاج بتلال الفسطاط
كما تستعد مصر لاستقبال مركب تغويز أميركي في العقبة مطلع أغسطس بطاقة 750 مليون قدم مكعب يومياً، ليتم ضخ جزء من الغاز لصالح السوق المصري عبر الشبكة القومية، ومن المتوقع أن تغادر هذه السفينة نهاية أغسطس لإجراء صيانة دورية وتعود في نوفمبر.
في هذا السياق، أوضح المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أن تشغيل سفينة تغويز جديدة في أحد الموانئ المصرية يُعتبر خطوة حاسمة لتأمين الغاز ومنع انقطاع الكهرباء، وهو جزء من خطة عاجلة لتعزيز منظومة الطاقة في ظل تراجع الإنتاج المحلي، حيث ستعمل السفينة على استقبال الغاز المسال وتحويله إلى صورته الغازية وضخه مباشرة في الشبكة القومية، مما يوفر مرونة كبيرة في الاستجابة للاحتياجات العاجلة.
وأشار كمال إلى أن هذا الإجراء يسهم في تقليل الاعتماد على المازوت الأقل كفاءة والأكثر تلوثاً، ويعزز من قدرة محطات الدورة المركبة، التي تُعتبر الركيزة الأساسية لإنتاج الكهرباء في مصر، على العمل بكفاءة عالية، مما ينعكس على استقرار الشبكة وتقليل الأعطال والفواقد، كما اعتبر أن وجود وحدة تغويز عائمة يمثل صمام أمان للطاقة في البلاد خلال فترات الضغط، ويرسل رسالة طمأنة بأن الدولة قادرة على التحرك السريع لتأمين احتياجاتها دون تأثر بالخسائر المؤقتة في الإنتاج المحلي.
من جانبه، أكد الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن هذه الخطوة تعكس حجم التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة في مصر، مشيراً إلى أن التوسع في استيراد الغاز يعكس ضغوطاً تشغيلية وتمويلية تفرض نفسها بقوة خلال فصل الصيف، ومع ذلك يُعتبر ضرورة حتمية لتفادي انقطاعات الكهرباء وضمان استمرار الإنتاج الصناعي والخدمي.
وأضاف خضر أن استيراد الغاز بتكلفة مرتفعة يجب أن يكون حلاً مؤقتاً بالتوازي مع تسريع خطط زيادة الإنتاج المحلي، وتحفيز الاستثمارات الجديدة في الاكتشافات الغازية، بالإضافة إلى العمل على ترشيد الاستهلاك ورفع كفاءة التشغيل داخل محطات الكهرباء، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تمثل ركيزة أساسية لاستراتيجية أمن الطاقة في مصر.
وأشار إلى أن الرسالة الأهم من هذا التحرك هي أن الحكومة لا تنتظر تفاقم الأزمات، بل تتخذ خطوات استباقية لتأمين الطاقة، مما يعزز الثقة في قدرة الدولة على التعامل مع الضغوط الحالية دون المساس بالخدمات الأساسية للمواطنين.