قبل أكثر من ثلاثة عقود، عبرت الجماعة عن رغبتها في اختراق أمريكا الشمالية، واليوم يتجسد هذا الطموح القديم في واقع مقلق يثير مخاوف متزايدة، وسط تحذيرات من تمدد خطر تسلكه الجماعة عبر واجهات متعددة وتكتيكات ناعمة تستهدف اختراق المجتمعات الغربية من الداخل.

من نفس التصنيف: ذاكرة الخيانة وتأثير التجارب التاريخية على موقف إيران المتشدد من وعود الغرب
ورغم البعد الجغرافي بين أمريكا الشمالية والمناطق التقليدية لنشاط الجماعة، إلا أن الإخوان يستخدمون ذات الأدوات التي طبقوها في أوروبا، من خلال مؤسسات دينية وخيرية تروّج لأفكارهم تحت غطاء الاندماج المجتمعي.
اختراق الإخوان لأمريكا الشمالية
وكشفت شبكة “سي نيوز” الفرنسية أن جماعة الإخوان أعدت مذكرة داخلية عام 1991، تم الكشف عنها في عام 2007، حدّدت فيها بوضوح استراتيجية طويلة الأمد لاختراق أمريكا الشمالية، أطلقت عليها وصف “العملية الحضارية الجهادية”، بهدف تخريب وإزالة الحضارة الغربية من الداخل.
كندا على رادار الجماعة
وفقًا لمعهد دراسة معاداة السامية والسياسات العالمية، فإن المنظمات التابعة للإخوان تشهد تزايدًا مقلقًا داخل كندا، حيث تعتمد الجماعة على استراتيجية “التخفي والاندماج”، من خلال تشجيع أعضائها على التغلغل داخل المؤسسات الحكومية ومواقع النفوذ، بهدف التأثير على السياسات العامة بما يخدم أجنداتها.
وتُحذّر تقارير حكومية فرنسية من اعتماد الإخوان ما يُعرف بـ”الغموض الاستراتيجي”، وهي سياسة تقوم على التغيير التدريجي الهادئ داخل الأنظمة الديمقراطية، دون إثارة الانتباه أو المواجهة المباشرة.
الإخوان في الغرب
مؤشرات متصاعدة على الأرض
وسجلت كندا خلال عام 2024 ارتفاعًا بنسبة 670% في الحوادث المعادية للسامية، إلى جانب 83 قضية متعلقة بالإرهاب في الفترة بين أبريل 2023 ومارس 2024.
كما شهدت البلاد مظاهرات مؤيدة لحركة حماس، اتسمت بتصاعد حدة الخطاب والتطرف، ما يُفسَّر بأنه انعكاس مباشر لتأثير الإخوان على الشارع السياسي في كندا.
مراقبة أمريكية وتشدد مرتقب
في الولايات المتحدة، تعهّد الرئيس دونالد ترامب في أكثر من مناسبة بممارسة ضغوط مباشرة على كندا لإعادة إدراج الجماعات المرتبطة بالإخوان ضمن القوائم السوداء، خاصة تلك التي تعمل تحت مظلات دينية وخيرية.
ممكن يعجبك: قطر توقف الرحلات الجوية مؤقتًا بسبب التوترات الإقليمية
وتشير تقارير استخباراتية إلى أن واشنطن تتحرك باتجاه تشديد الرقابة على الأنشطة ذات الطابع العابر للحدود، والتي قد تكون ذات صلة بالجماعة، بما في ذلك برامج التبادل الأكاديمي، المؤتمرات الدينية، وتحويلات الأموال.
هوس التمدد والهيمنة
منذ تأسيسها عام 1928، سعت جماعة الإخوان لجعل أوروبا محطة استراتيجية للتمدد، واليوم باتت أنظارها موجهة إلى كندا والولايات المتحدة، ويؤكد مراقبون أن هذا الحراك لم يعد مجرد تهديد نظري، بل تحول إلى مشروع تطبيقي على الأرض، يُستخدم فيه الدين كأداة سياسية، تحت غطاء مؤسسات مدنية ظاهرها “الاعتدال”، وباطنها أجندات أيديولوجية تهدف إلى “أخونة المجتمعات” وتغيير بنيتها من الداخل.