من “الباجور” إلى البوتاجاز حكاية شعلة غيرت حياة المصريين

في قلب كل مطبخ مصري، تتواجد شعلة تمثل أكثر من مجرد وسيلة لطهي الطعام، إنها تجسد التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي عاشها المصريون عبر العقود، بدأت القصة بـ”الباجور” وانتهت اليوم بالبوتاجاز الحديث المتصل بشبكة الغاز الطبيعي.

من “الباجور” إلى البوتاجاز حكاية شعلة غيرت حياة المصريين
من “الباجور” إلى البوتاجاز حكاية شعلة غيرت حياة المصريين

“الباجور”.. بداية الحكاية

حتى منتصف القرن الماضي، كان “الباجور” هو الأداة الرئيسية في معظم البيوت المصرية، خصوصًا في الريف والمناطق الشعبية، يعتمد على الجاز (الكيروسين)، ويحتاج إلى تعبئة وتنظيف مستمرين، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة باشتعاله وصعوبة التحكم في درجة الحرارة.

تقول الحاجة نعيمة، 76 عامًا، من بني سويف: كنا نطبخ على الباجور ونضع فوقه صاجًا لعمل العيش، كانت رائحة الجاز تملأ البيت، لكنها كانت في الوقت نفسه كنزًا

دخول “البوتاجاز”.. ثورة في المطبخ

مع الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات، بدأت الحكومة في تشجيع استيراد البوتاجازات، وظهرت الأسطوانة (الأنبوبة) كحل عملي للطهي، لم يكن هذا التحول مجرد راحة، بل وفر للنساء وقتًا وجهدًا كبيرين.

يقول الباحث في الشؤون الاجتماعية د. أحمد عبد الحميد إن البوتاجاز أحدث نقلة نوعية في حياة الأسرة المصرية، خاصة المرأة، وقلل الاعتماد على مصادر طاقة غير آمنة مثل الجاز أو الفحم.

الغاز الطبيعي.. رفاهية تتحول إلى ضرورة

ومع تسارع التنمية العمرانية، بدأت الدولة منذ مطلع الألفية في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، وفقًا لبيانات وزارة البترول، تجاوز عدد الوحدات السكنية التي تم توصيل الغاز إليها 14 مليون وحدة حتى نهاية 2024.

تقول منى عبد التواب، موظفة من القاهرة: أول ما دخل الغاز بيتنا، شعرت أننا انتقلنا من عصر لعصر، لا تعب ولا حمل أنبوبة ولا رائحة خانقة

الفجوة بين الريف والحضر

رغم التوسع في توصيل الغاز، لا تزال بعض القرى تعتمد على الأسطوانات، وتشير تقارير إلى أن نحو 35% من المصريين ما زالوا يستخدمون البوتاجاز التقليدي، خاصة في المناطق الريفية والنائية.

نحو مستقبل نظيف وآمن

تعمل الحكومة حاليًا على تعميم استخدام الغاز في جميع المحافظات وتوفير الدعم للأسر غير القادرة ضمن خطط للتحول نحو طاقة أكثر نظافة وأمانًا.

الآن أصبح توصيل الغاز ليس مجرد رفاهية، بل ضرورة لتقليل التلوث وتحسين جودة الحياة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الوقود السائل.