أصبحت الصناعات الذكية واحدة من أبرز سمات الاقتصاد العالمي الجديد، حيث تدفعها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والتشغيل الآلي، ومع تسارع التحول الرقمي في المصانع والشركات، بدأت ملامح سوق العمل تتغير، بين اختفاء بعض الوظائف التقليدية وظهور أخرى تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة.

مواضيع مشابهة: مصر تستعد لتشغيل 3 سفن تغويز في يوليو لتلبية احتياجات الصيف من الغاز
في هذا الإطار، يوضح الدكتور مصطفى النجار، الخبير في تكنولوجيا الصناعة والتحول الرقمي، أن “الصناعات الذكية لا تقلل من قيمة العنصر البشري، بل تعيد تعريف المهارات المطلوبة وتفتح آفاقًا لوظائف جديدة لم تكن موجودة سابقًا”.
ويضيف النجار في تصريحه لـ “نيوز رووم”، أن الوظائف اليدوية المتكررة والمعتمدة على التدخل البشري المباشر أصبحت مهددة، خاصة مع دخول الروبوتات والأنظمة المؤتمتة إلى خطوط الإنتاج، بينما زاد الطلب على تخصصات مثل تحليل البيانات الصناعية، وأمن المعلومات، وتطوير أنظمة التشغيل الذكية.
تحول جذري في بيئة العمل
يشير د. مصطفى النجار إلى أن المصانع الذكية تعتمد على الربط اللحظي بين الأجهزة والأنظمة، مما يتطلب وجود كفاءات قادرة على التعامل مع برمجيات التحكم، وقراءة البيانات، والتفاعل مع نظم الذكاء الاصطناعي، ويؤكد النجار أن “التحول في بيئة العمل لم يعد ترفًا، بل ضرورة تنافسية”، موضحًا أن المصانع التي لم تدخل عالم الرقمنة ستجد نفسها خارج السوق خلال سنوات قليلة.
الأثر الاقتصادي للصناعات الذكية
اقتصاديًا، يوضح د. النجار أن التحول إلى الصناعات الذكية يحمل أثرًا مباشرًا على زيادة الإنتاجية وخفض التكاليف، حيث يقول: “المصنع المؤتمت يحقق كفاءة تشغيلية أعلى بنسبة قد تصل إلى 40% مقارنة بالأنظمة التقليدية، مع تقليل الفاقد والهدر في الخامات والطاقة”
كما يضيف أن الاعتماد على التكنولوجيا في مراحل التصنيع يعزز القدرة التنافسية للمنتج المحلي، ويفتح آفاقًا جديدة للتصدير، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على الميزان التجاري، ومن المتوقع أن يجذب هذا النوع من التطوير استثمارات أجنبية مباشرة في قطاع الصناعة، خصوصًا في الأسواق الناشئة مثل مصر.
ويختتم النجار بقوله: “الدول التي تسبق غيرها في تبني نظم الصناعة الذكية ستتمتع بميزة تنافسية استراتيجية خلال العقد المقبل، سواء في جذب الاستثمارات أو توطين التكنولوجيا”
الفجوة المهارية.. التحدي الأكبر
ورغم هذا التقدم، لا يخفي النجار وجود تحديات حقيقية تواجه القوى العاملة في مصر، وأهمها “الفجوة المهارية”، حيث يشرح: “لا تزال غالبية مخرجات التعليم الفني والجامعي بعيدة عن احتياجات سوق العمل الذكي، ولدينا نقص حاد في الفنيين القادرين على تشغيل وصيانة أنظمة الإنتاج المؤتمتة أو التحكم الصناعي الحديث”
توصيات عاجلة لمواكبة التحول
يدعو الدكتور مصطفى النجار إلى التحرك السريع عبر 3 محاور رئيسية.
1. تحديث مناهج التعليم الفني والتكنولوجي لتشمل مهارات البرمجة الصناعية، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات.
2. إطلاق شراكات فعالة بين القطاع الصناعي ومؤسسات التعليم لتدريب الطلاب داخل المصانع الذكية.
3. إنشاء حاضنات أعمال صناعية لتشجيع الابتكار المحلي في التقنيات الإنتاجية.
مقال مقترح: وزير قطاع الأعمال يناقش سبل التعاون مع تحالف “روسال” في مجال الألومنيوم
ويؤكد النجار أن “مستقبل العمل ليس قاتمًا كما يُشاع، بل هو مليء بالفرص لمن يستعد له، والتحدي الآن هو أن نتحول من رد الفعل إلى الفعل، ومن استيراد التكنولوجيا إلى المشاركة في صناعتها”.