ندوة استثنائية في القاهرة تحتفي بمبدعي المحافظات في المهرجان القومي للمسرح

في أجواء مليئة بالتقدير والوفاء، وبحضور شخصيات بارزة، نظم المصري برئاسة الفنان محمد رياض ندوة مميزة للاحتفاء بأربعة من المكرّمين من المحافظات، الذين تم تكريمهم خلال فعاليات الدورة الثامنة عشرة بالمحافظات، وذلك تأكيدًا على رؤية المهرجان الجديدة التي تسعى لكسر مركزية العاصمة وتسليط الضوء على رموز الإبداع في الأقاليم.

ندوة استثنائية في القاهرة تحتفي بمبدعي المحافظات في المهرجان القومي للمسرح
ندوة استثنائية في القاهرة تحتفي بمبدعي المحافظات في المهرجان القومي للمسرح

شهدت الندوة حضور اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والفنان محمد رياض، والفنان عادل عبده مدير المهرجان، بالإضافة إلى مجموعة من المكرّمين والنقاد والمثقفين، ومن بينهم المخرج الكبير سمير زاهر، والكاتب أسامة كمال، والشاعر طارق علي، الذي أدار الجلسة الأولى من الندوة.

تكريم مبدعي المحافظات

افتتح الشاعر طارق علي كلمته بالتحية لرئيس المهرجان محمد رياض، مشيدًا بهذه المبادرة الرائعة للاحتفاء بفناني الأقاليم، وداعيًا إلى استمرارها وتوسيع نطاقها لتشمل المزيد من المحافظات، وأشاد بتاريخ المخرج سمير زاهر، قائلًا: “تحية لهذا المبدع الكبير الذي برز مشروعه المسرحي في كافة ربوع مصر”

أما الكاتب أسامة كمال، مؤلف كتاب “سمير زاهر.. فارس المسرح الجوال”، فقد أشار إلى أن الكتاب يُوثّق لمسيرة زاهر منذ الطفولة وحتى ريادته لمسرح الثقافة الجماهيرية، مؤكدًا أن المخرج لم يقتصر على الإخراج، بل كان مديرًا فنيًا وإنسانيًا قادرًا على قيادة الفرق المسرحية نحو أعلى درجات الإبداع.

سمير زاهر

بدوره، تحدث المخرج سمير زاهر عن رحلته مع المسرح، مشيرًا إلى حرصه منذ البداية على دراسة خصوصية كل إقليم ثقافي من حيث المهن واللغة والتراث، ثم اختيار النصوص المناسبة لكل بيئة، وأضاف: “هدفي لم يكن فقط أن أكون مخرجًا جيدًا، بل أن أوصل المسرح إلى أقصى نقطة في ربوع مصر”، مشيرًا إلى تنقله بين مختلف الأقاليم لتنفيذ هذا المشروع الطموح

وتناول زاهر رؤيته الخاصة للنهوض بمسرح الثقافة الجماهيرية، والتي لخّصها في كتابه “مسرح الثقافة الجماهيرية في مفترق طرق”، حيث قدّم تصورات عملية لإنقاذ هذا المسرح ودعم طاقاته.

محمد الروبي

الناقد محمد الروبي أشار إلى أزمة التهميش التي يعاني منها مسرح الثقافة الجماهيرية، معتبرًا أن جهاز الثقافة الجماهيرية – رغم ضعفه المادي – هو العمود الفقري للحياة الثقافية في مصر، وقال: “لولا هذا الجهاز بكافة أنشطته، وعلى رأسها المسرح، لانهارت الثقافة المصرية منذ زمن”

خالد اللبان

من جانبه، عبّر اللواء خالد اللبان عن تقديره للتعاون المثمر مع الفنان محمد رياض، مؤكدًا أن المهرجان بخروجه إلى أربع محافظات أثبت شجاعته ووعيه بضرورة دعم فناني الأقاليم الذين يمتلكون الشغف الحقيقي تجاه الفن، وأضاف: “نحن ندرس خطة لتسويق المسرح بشكل احترافي، وسنعمل على توسيع دائرة المحافظات التي تستضيف فعاليات المهرجان في الدورات المقبلة”

وأشار اللبان إلى التحديات التي يواجهها المسرح في ظل المحتوى الرقمي الرديء على بعض المنصات، معتبرًا أن المسرح الجاد هو خط الدفاع الأول ضد هذا الغزو الثقافي، ومؤكدًا دعمه لإيجاد خطة تسويقية شاملة للمسرح المصري.

محمد رياض

الفنان محمد رياض أكد خلال كلمته على أهمية التمسك بما تحقق من إنجازات خلال هذه الدورة، قائلًا: “المهرجان أصبح ملكًا لكم أنتم، وأصبح له هوية واضحة، ومن سيأتي بعدي لن يستطيع التراجع عن تقليد نقل المهرجان إلى المحافظات، لأنه بات حقًا أصيلًا لكل مبدع في مصر”

وأضاف: “منذ البداية كنت أضع أمام عيني أن هذا المهرجان ليس فقط الأهم في مصر بل في الوطن العربي كله، ولم أكن أطمح إلا إلى ترسيخ تلك الرؤية، واليوم أقولها بصدق: هذه الدورة أثبتت أننا نستطيع إنتاج مهرجانات كاملة في الأقاليم، بكل فعالياتها من ورش وتكريمات وعروض ومتابعة إعلامية حقيقية”

شهادات نقاد ومثقفين

وتخللت الندوة مداخلات من الناقدة الدكتورة لمياء أنور، وعدد من النقاد والمسرحيين الذين استعرضوا تجاربهم مع مسرح الثقافة الجماهيرية، وأبرزوا التحديات والإمكانيات والفرص التي ما زال هذا المسرح يحملها في طياته رغم التهميش، مطالبين بدعمه وتحقيق مزيد من اللامركزية في المهرجانات والمواسم الفنية.

وفي الختام، شدد الكاتب سعيد حجاج على ضرورة الإنصاف الإعلامي لفناني الأقاليم الذين يعملون في صمت، مثنيًا على إدارة الدورة الحالية من المهرجان القومي للمسرح، ومطالبًا باستمرار تقليد نقل الفعاليات إلى المحافظات، لخلق حالة ثقافية حقيقية على امتداد الجغرافيا المصرية.